١٨.٢.٠٩

وقاحة ظل

انتهى عملها فجأة حين أصبحت الساعة الرابعة مساءا , و قبل أن تخرج فاجأت مديرها بطلب إجازة لأربعة أيام بدون إبداء للأسباب , وحين ألح عليها بالسؤال أعطته ربع سبب .. , جلست على كرسي أمام مكتب وقالت :"إنني لا أشعر بأي انجاز في عملي مؤخرا وعليه أرى أن أرتاح قليلا لأرتب أوراقي و أعاود عملي بنشاط ", ثم وقفت فجأة دون أن تنظر إلى وجه أحد في الغرفة حملت حقيبتها على كتفها و خرجت , فلا داعي لأن تنظر فهي تعرف تماما تعليق كل منهم , ..

الجو كان أكثر من رائع في الخارج أضف إلي ذلك الاحمرار الذي يكسو البشرية هذا اليوم بمناسبة لا تعترف هي بصحتها ضحكت ضحكة صفراء حين أغلقت باب مقر عملها الخارجي و قالت في عقلها :" هه فالنتاين انك كذبة كبيرة ", أخرجت محفظتها لتعد ما معها من فكه , وقفت خمس دقائق تنتظر أن توصلها سيارة أجرة , تارة تمسك هاتفها النقال و تارة ترقب السيارات من آخر الشارع و تارة تنظر إلى شباك مكتبها وحين فقدت الأمل قررت أن تعود إلى منزلها مشيا , وضعت سماعات الهاتف في أذنها وتدريجيا ذاب ضجيج الشارع بين دندنتها و بين فيروز وهي تغني "علموني هني علموني" .

خطواتها كانت تتسابق مع لحن الأغنية التي أعادتها عشرين مرة , فجأة علا صوتها ب " ع إيام الورد قلبي دايب " , لاحظت انتباه سيدة عجوز ابتسمت لها حين مرت بجانبها و قالت :" فيروز فش أحسن منها " , ردت عليها بابتسامة مماثلة جعلت العجوز تبتسم بعمق : اه هي أحسن وحدة بخواتها ".

تابعت خطواتها السباق مع اللحن و تناست مرة أخرى الشارع و المارون و دخان السيارات ومن بين كل ذلك كان ذلك الظل الغريب يقترب , هي ترى مقدمته جيدا عن شمالها و خطواته التي تحاول اللحاق بها كانت تسمع لها صوتا بجانب صوت فيروز , تسرع أكثر فيسرع هو الآخر , بدأت بالقلق ظل من هذا الذي يحاول اللحاق بها منذ أكثر من سبع دقائق؟ .

,تذكرت جيدا نصيحة أبوية تقول :" إن خفت من شيء فاسلكي الشارع العام ", ولكن لسوء حظها هي في الشارع العام فعلا , والظل مازال يقترب , تسرع أكثر فيسرع أكثر و أكثر , يالها من وقاحة كيف يجروء على الاقتراب منها لهذا الحد ؟ .

, خطوة واحدة و ستراه بوضوح بجانبها و ستعرف صاحبه , استعدت جيدا لمعركة كلامية لن تخسر بها , ولسوف تعلم صاحب الظل الوقح آداب الطريق و احترام الآخرين ..
فجأة تراجع الظل قليلا ظلت تتابع مشيها بينما يتراجع الظل الغريب حتى اختفي , و توقفت فيروز عن الصدح معلنة سخطها بتوقف السباق.

التفت فلم تجد شيئا , زمت شفتيها بأسف و خيبة , ثم استدارات للأمام تتابع مسيرتها في الشارع لتجد صاحب الظل الغريب واقفا على يمينها يلهث متسائلا :"يا آنسة أهذه محفظتك"؟

هناك ٣ تعليقات:

  1. تصدقي ان الموقف ده لسه حاصل معايا

    مع اختلاف ان الظل مكنش للمحفظه

    سردك اكتر من رائع

    اول زياره ليكي اسمحيلي اكررها

    والله يثبتكم ويقف معاكم وينصركم امين يا حق
    اتمي نبقي صحاب
    كلي فخر وانا بزور مدونه واحده فلسطينيه غزويه
    سلام
    ياسمين
    فنانه مفروسه جدا

    ردحذف
  2. شكرا ياسمين إلنا بالاكتر
    وتمنى اشوفك مرة اخرى فى المدونة

    ردحذف
  3. سلام حلوة القصه واسلوب جميل
    علا

    ردحذف

سوا سوا